في الحروب هناك من يقتل أو يستشهد وهناك من يجرح، ولكن الكثير يغفل عن التأثير النفسي للحروب والأزمات على من في ساحة النزاع أو حتى متابعي الأزمة عبر شاشة التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، إذ يرجح أن يصاب باضطراب نفسي طفيف أو شديد ما معدله شخص من كل 11 شخص ممن عاشوا الحروب أو الأزمات، والتعامل مع الحالات الشديدة والصعبة من الأشخاص الذين فقدوا أفراداً من أسرهم وأصيبوا بجروح متفاوته، ويرقدون على أسرة المستشفيات لابد أن يكون بحذر، يوضح هذا المقال الأمراض النفسية الناجمة عن الحروب والطوارئ وطريقة التعامل معها.


انواع الاضطرابات الناجمة عن الحروب

تتعدد المشكلات والاضطرابات الناجمة عن الحروب والأزمات، نذكر من أهمها ما يأتي:

  • اضطرابات اجتماعية: ومنها الموجود في الأصل ما قبل الحروب والأزمات ويتفاقم معها كالفقر والتمييز، ومنها ما يتطور مع ظهور الأزمة كانعدام الأمان، وتشتت العائلة، وخسارة المسكن، ومنها ما هو متعلق بالاستجابة الإنسانية للأزمات كالازدحام، وانعدام الخصوصية.
  • اضطرابات نفسية: ومنها ما هو موجود في الأصل كالاكتئاب، والفصام، وإدمان الكحول، ومنها ما يتطور مع ظهور الأزمة كالضغط النفسي الحاد، وحالة الرثاء، واضطراب ما بعد الصدمة، ومنها ما هو متعلق بالاستجابة الإنسانية للأزمات كالقلق حول كيفية الحصول على الخدمات الإنسانية.

كيفية التعامل مع مرضى الاضطرابات النفسية الناجمة عن الحروب

يعامل ضحايا الحروب والأزمات معاملة خاصة لمراعاة ظروفهم النفسية، ولا بد من مراعاة الأمور التالية:

  • كثرة الزوار لإلتقاط صور مع الجريح لا تساعد، بل كثيراً ما تزعج الجريح إضافة إلى كونها تعدي على خصوصيته.
  • يكثر الزوار من الأقارب وغير الأقارب من السؤال عن القصة، ويرغبون في سماع كل التفاصيل دون معرفة الرغبة عند الضحية إذا ما كان يرغب بتذكر هذه وسردها أم لا.
  • إذا رغب الضحية بالحديث عن التفاصيل فعلى المستمع أن يكتفي بالإصغاء دون إعطاء ردود عشوائية.
  • إذا كان الضحية في حالة نفسية متأثرة ولا يستطيع النوم ولا الأكل ولا التوقف عن البكاء يصبح هذا من مهام الفريق النفسي.
  • الاعتقاد عند الناس أن مجرد سرد الأحداث يساعد الضحية ليس بالضرورة صحيح.
  • قد يطرح الجرحى والضحايا استفسارات كثيرة يصعب على الشخص العادي الإجابة عليها، والأفضل أن لا يجيب حتى يتوفر من يعرف كيف يجيب.
  • أكثر ما يشكو منه المرضى ضحايا الحروب، هو كثرة الزوار في بداية الدخول للمستشفى ثم تلاشيهم بعد توقف الحرب.
  • الورد والشوكلاتة ليست ضرورية للضحايا ومن هم في حزن على أنفسهم وأسرهم وبلدهم، ولكن الدعم المعنوي والمادي ضروري وبأسلوب مدروس ومخطط.

  • يحتار الناس في إعطاء الضحايا استراحة، من مشاهدة التلفزيون أو إبقاء الأخبار مستمرة، والأولى سؤال الضحية وعدم افتراض أي من الخيارين، وبكل الأحوال الأخبار المستمرة غير مرغوب فيها.
  • يتطوع الناس لمساعدة الضحايا دون رقابة أو تدريب أو برنامج وفي هذا ضرر كبير، فالتطوع ليس من أجل راحتك بل يفترض أن يكون في مصلحة الضحايا فقط.

اقرأ أيضاً: العزلة وتداعياتها النفسية والصحية

بعض الجرحى من الحروب يقضوا في المستشفيات فترات طويلة ويعني هذا جراحات عديدة وأدوية كثيرة، وقد يبعث هذا على الملل وخصوصاً مع البعد عن الأهل، وانحسار همة الزوار والمشجعين، وغالباً ما يتم إهمال الشكاوي النفسية لهؤلاء الجرحى لأن العمليات الجراحية تأخذ الأولوية، والغريب أن البعض يدخل في حالات اكتئاب شديدة، وإدمان على المسكنات الأفيونية كالمورفين ودون إنتباه من أحد، وقد يقوم بإيذاء نفسه بشكل واضح أو تخريب العمليات الجراحية لأنه يريد الحياة والفريق الطبي منهمك في ترميم الإصابات وتجميلها، لذلك من المهم جداً التركيز على الصحة النفسية للأشخاص الراقدين على أسرة الشفاء.

الاطفال في الحروب

الطفل دون السابعة من العمر لا يفهم مبدأ الموت بوضوح، وقد يعني هذا تكرار سؤاله عن والديه وإخوانه الذين فارقوا الحياة، لذلك لا بد من العناية بالأطفال عناية خاصة، والحرص على إحاطتهم بالعائلة دائماً، والانتباه إلى تصرفاتهم ومشاعرهم وقد يتطلب الوضع استشارة أخصائي صحة نفسية، فقد يرافق تلك الأزمة إصابة الطفل بالاكتئاب، أو متلازمة ما بعد الصدمة التي قد يمتد تأثيرها مع الطفل حتى يكبر.

للمزيد: الصحة النفسية للطفل خلال عامه الأول